خصائص الإدراك (مبادئ الإدراك):
هناك خصائص عدة أو مبادئ للإدراك يمكن إجمالها فيما يلى:
1- الإدراك نسبى:
بمعنى أن الشىء المدرك تتفاوت درجة إدراكه من شخص إلى آخر حسب الخبرات السابقة، وقوة الحواس، والبيئة، والظروف التى تحدث فيها عملية الإدراك (التفاوت بسبب الفروق الفردية، والظروف الموضوعية للشىء المدرك) إضافة إلى أن الشخص الواحد يتفاوت إدراكه لشىء معين من ظرف إلى آخر حسب الموضع الفيزيقى للشىء المدرك.
مثال على ذلك: الورقة أو القلم أو الأثاث أو أى شىء آخر، ندركه بطريقة معينة عندما تكون هناك إضاءة كاملة فى الحجرة، بينما ندركه بطريقة أخرى إذا ساد الظلام، وبطريقة ثالثة إذا كان ضوء القمر يغمر أرجاء الغرفة... الخ.
فالبيئة، والحالة النفسية، وطبيعة الشىء المدرك لها أثر على طبيعة الإدراك. ومعنى ذلك أن على مصمم ومنتج ومستخدم الوسائل التعليمية، تهيئة البيئة المناسبة، واختيار الوسيلة المناسبة، ومراعاة الفروق الفردية بين المتعلمين.
2- الإدراك انتقائى:
بمعنى أننا لا ندرك كل ما هو موجود حولنا من المناظر والأصوات والبشر والأشياء، وتعود الانتقائية إلى ما يلى:
- أن الإدراك يعتمد على معرفتنا بالموقف أو الشىء المدرك، وعلى اتجاهنا وميولنا نحو هذا المنظر أو ذاك.
- أن هناك حدودا لحجم أو مقدار المعلومات التى تصل إليها عن طريق قنوات الاتصال وحدودا لقدرة المتعلم على استيعاب المعلومات.
فالمثيرات فى البيئة كثيرة، ولكن قدرة الفرد على الإدراك محدودة ومحصورة فى عدد من هذه المثيرات فى الوقت نفسه.
هذه الميزة تفرض على مصمم ومنتج الوسيلة التعليمية، إبراز أهم العناصر فيها، التى تجذب انتباه المتعلم أكثر من غيرها.
فطالما لا يستطيع الفرد استيعاب، أو إدراك كل عناصر الموقف الواحد وحتى نحول دون تشتيت الانتباه، فعلى الوسيلة أن تبرز العناصر المهمة، والتى لها ارتباط بالموقف المطلوب إدراكه من المتعلم.
مثال على ذلك: الاستقبال الجيد للإذاعة، وضوح التسجيل فى الشريط وضوح الصور والصورة فى العرض السينمائى... الخ.
3- الإدراك كلى:
بمعنى أننا ندرك كل المنظر، إذا كان بصريا، بما فيه من علاقات وتناسق، ونسمع كل الأصوات بما فيها من تناسق أو نشاز.
لذلك كان التنظيم الزمانى أو المكانى، عاملا هاما يؤثر فى سرعة الإدراك ودقته. وهذه الصفة تفرض على مصمم ومنتج ومستخدم الوسيلة التعليمية أن يأخذ مبدأ التنظيم فى الشكل أو المضمون، أو الزمان، أو المكان للوسيلة بعين الاعتبار. فكلما كان تنظيم الوسيلة فى شكلها ومضمونها اكثر دقة، كان إدراك المتعلم وفهمه لمحتواها ايسر وأسرع.
4- الإدراك يتأثر بالاستعداد:
فكلما زاد استعداد أو تأهب المتعلم للإدراك كلما كان الإدراك أسرع وأسهل. وهذه الصفة يجب أن تؤخذ بعين الاعتبار عند تصميم وإنتاج واستخدام الوسيلة التعليمية، بمعنى أن يراعى عند تصميم وإنتاج واستخدام الوسيلة وجود نوع من الاستعداد عند المتعلم للإدراك، ملائم لما يهدف إلى نقله من معلومات وحقائق.
أما عند استخدام هذه الوسيلة، فعلى المعلم أن يلفت انتباه المتعلمين إلى الجوانب المهمة للرسالة التعليمية التى تعرضها الوسيلة، ويكون هذا التنبيه عن طريق التوجيه اللفظى المباشر، أو إثارة التساؤلات المشوقة.
5- يتأثر الإدراك بالعمر:
يختلف إدراك الكبار عن إدراك الصغار، الذين تتداخل خبراتهم فيما يدركون، وبالتالى يكون إدراكهم غير سليم.
وبالتالى فإن على مصمم ومنتج ومستخدم الوسيلة التعليمية مراعاة المستوى العمرى، والثقافى للفئة المستهدفة بالوسيلة.
6- الإدراك قد يكون حسياً أو غير حسى:
الخبرات الحسية هى أساس المعرفة، وبدونها لا يستطيع الفرد إدراك ما هو محيط به، فالخبرة الحسية المرئية تمكن الفرد من التمييز بين الألوان والأطوال والأشكال... الخ. والسمعية تمكنه من التمييز بين درجات الصوت، وصوره.
وبالتالى فإن الخبرة الحسية تؤدى إلى إدراك معنى الشىء المدرك.
وإلى جانب الإدراك الحسى، هناك إدراك لأشياء غير المادية، مثل إدراك العلاقات الاجتماعية التى تصل الفرد بالمحيط الذى يعيش فى إطاره.
[/size]
قيمة الإدراك الحسى فى التعلم، وعلاقة ذلك بالوسائل التعليمية:
تظهر قيمة الإدراك الحسى فى التعلم، من قدرته على نقل المعنى الدقيق الموضوع المقروء أو المسموع، أو المشاهد. وما الصور والخرائط والرسوم بأنواعها، التى تتخلل الكتب إلا لتدعيم العبارات المكتوبة، بالوسائل الحسية التى تمكن من الإدراك الحسى بشكل أسهل.
وحتى ندلل على قيمة الإدراك الحسى فى التعلم، دقته نضرب المثل التالى:
لو أن شاعرا قديرا اخذ فى وصف منظر طبيعى، أو حادث، او أى مظهر من مظاهر الحضارة، أو شخص... الخ، فإنه مهما بلغت عبارته دقة، فلن يستطيع وصف البحيرة مثلا،بالدقة التى يصورها شريط سينمائى، أو صورة فوتوغرافية، والمتعلم الذى يريد أن يتعرف على معالم لندن مثلا، لن تكون الكتب المطبوعة دقيقة دقة شريط فيديو عن هذه المعالم بالصوت والصورة، أو بالخبرة العملية هى زيارة هذه المعالم.
لذلك نستطيع الادعاء أن الخبرة الحسية هى الأساس لجميع معارف الإنسان، وبدونها لا يستطيع أن يعى بشكل جيد ما يدور حوله.
أما عن الوسائل التعليمية والإدراك الحسى، فإنها تعتبر من أهم الأدوات والطرق التى تمكن المعلم والمتعلم، من إيصال وتلقى هذه الخبرات الحسية الضرورية للتعلم الجيد.
خلاصة القول: إن الوسائل التعليمية، توفر الأساس المناسب من الخبرات الحسية الضرورية للتعلم.
[size=9]الأسس السيكولوجية لتصميم التعليم والعلاقة بين نظريات التعلم والوسائل التعليمية:
لا نستطيع فصل نظريات التعلم، عن الأسس النفسية لتصميم التعليم وبالمقابل لا نستطيع فصل كل ذلك عن الوسائل التعليمية؛ لأن الهدف الرئيسى لإعداد الوسائل التعليمية، واستخدامها هو تحقيق الأهداف التعليمية للعملية التربوية بأسرها، والمساعدة على تيسير عملية التعلم.
لهذا نقول: إن الحديث عن أسس التعلم، وأسس استخدام الوسائل التعليمية
لا يمكن أن يتم بشكل منفصل. ويعرّف التعلم بأنه: تغير مرغوب فيه، ومقصود وثابت نسبيا فى سلوك المتعلم، يحدث نتيجة الممارسة أو التدريب.
ومهما اختلفت تعليمات العلماء فى الألفاظ، إلا أنها تتفق فى المضمون
ولكن تفسير عملية التعلم، أو كيف يحدث التعلم؟ كان مثارا لخلاف أصحاب النظريات فى التعلم. ولهذا نجد نظريات عدة تفسر عملية التعلم.
ويمكننا من خلال استعراض ودراسة جميع نظريات التعلم، أن نحدد بعض المبادئ المشتركة بينها. والتى تساعدنا كمختصين فى التقنيات التعليمية، على تصميم وإنتاج واستخدام الوسائل التعليمية بشكل سليم. والتى تشكل فى مجموعها أسسا نفسية لتصميم التعليم، وأسسا أيضا وإنتاج واستخدام المواد السمعبصرية.